قبل ولوجي لسلك تأهيل الأساتذة،
كان لي موعد مع إعادة طريقة التعامل مع الإنسان الرسمي بشكل عام و الإنسان الذي له
المؤهل على أن يقيمك و يقيم مؤهلاتك.
كيف تسهل طريقك وتتجنب
التعقيدات؟
إن الشيء الذي يسهل للمرء
طريقه، و يجعله محبوبا بالمرة، هو الظهور بشخصيته الحقيقية دون ماكياج و لا زيادات
و تمظهر. فاعلم أخي أن كل من يتغير مثل الحرباء، و يدعي أمامك أن هذا هو سر نجاحه،
هذا الشخص ربما يحقق نجاحات صغيرة وكاذبة و يحقق محبة قصيرة الأمد ثم تنكشف
حقيقته.
إن من هؤلاء الأشخاص، مثلا، من
تمظهر أمام لجنة التوظيف بمظهر غير مظهره، و شخصية غير شخصيته، أعجب به من امتحنوه و قبلوه لولوج الوظيفة. هكذا صديقنا
أصبح موظفا و دو دخل محترم، لكن فلتعلم أخي أن هذا الشخص قد توقف نجاحه هنا.
لماذا؟
تخيل نفسك تحب إصلاح الدراجات
النارية و الإبداع فيها، و يا ما اخترعت لها أجهزة تزيد من سرعتها و تقلل من
استهلاكها للوقود، لكن كل اختراعاتك لن يؤمن بها أحد غيرك ما دمت لا تتوفر على صفة
رسمية، في نفس الوقت هذا لن يدفعك للتخلي عن آمالك وعن فلذات كبدك التي هي
اختراعاتك و براعتك في مجال الدراجات النارية.
أنت ذاك الشخص المؤمن بنفسه و
الواثق من قدراته لن يحتاج للتمثيل كي يتقبله الناس. الآن جاء دورك و جاءت الفرصة
وتم قبولك في وظيفة بمصنع لصناعة المحركات،الآن كل ما حاولت أن تجعل الناس يؤمنون
به و يقدرونه من اختراعات و قناعات و براعات، الآن جاء وقتك ليتقبلوها بتقدير و
قناعة.
الآن ستصبح ذلك القنديل الذي
سيضيء المصنع، و سينبهر المدير لأسلوبك الخاص، و سيقول آه لو لم أوظف هذا الشخص
لفقدت جوهرة ثمينة.
بماذا ستبهرهم؟
" اغرس اليوم شجرة تنم في ظِلها غداً."
ستبهرهم بشخصيتك الفريدة، فلو
أرادوا شخصيات كشخصياتهم العادية ما وظفوك إن كنت تقلد ما يفعله أغلب الناس، فهم
يبحثون عن التغيير. فتخيل معي ذاك الشخص الذي يدعوك إلى منزله لتصلح له جهازا، هل
اختارك من بين الناس اعتباطا ؟ لا، فقد رأى فيك ما تتميز به عن الناس، لذلك قرر أن
يعقد معك صفقة إصلاح صغيرة. وتخيل معي أنك غير مؤمن بقدراتك و تتجه نحو تقليد ما
يفعله الأغلبية، فهل سيستطيع ذلك الشخص أن يميزك من بين هؤلاء الناس؟
لذلك آمن بشخصيتك وقدراتك و قل
ما تؤمن به و لا تخف، فقد قالوا: "الرجل العظيم يكون مطمئناً،
يتحرر من القلق، بينما الرجل ضيق الأُفق فعادة ما يكون متوتراً."
لذلك، حين اجتزت المباراة
الشفوية لولوج الوظيفة العامة، سألني أحد الممتحنين: كيف تترك وظيفة في مدينة
عامرة و متطورة، و تطلب وظيفة تعرف أنها ستكون بالأرياف؟
فقلت مبتسما: من أكون حتى
أشترط، فأنا قد ولدت و كبرت في منطقة كانت في الماضي القريب توصف بأنها نائية؟؟؟
المهم أني سأفعل ما أحب وما أنا بارع فيه.
فضحك الأستاذ الممتحن في إعجاب.
إنها خمسون دقيقة من المقابلة
الشفوية أمام ثلاثة أساتذة ممتحنين، و كل ما نطق به لساني هو صدق لا أزيد عليه و
لا أنقص، لكن بجرأة و ابتسامة و حجج، لذلك حين طلب أحدهم من زميله أن يسألني في
مجال الرياضيات، قال له: لا، لا أظن أنه لا يحتاج لأن أمتحنه في ذلك؟
كانت مقابلة قد سررت بها و سروا
بها، هذا لأني حضرت بنفسي و بقناعاتي و شخصيتي، و ليس صورة مقلدة.
أعوذ إلى عنوان
الموضوع، حين سألني الأستاذ
المكون: كيف ستنجح خططك مع من لم يتعلموا؟
سألني في امتحان
التخرج من مسلك تأهيل الأساتذة، فقال: أنت مثلا تود أن تنشئ جمعية في مكان ليس فيه
متعلمون، فهل تظن أن الجمعية ستحقق أهدافها بك وحدك تعمل مع ناس لم يساعدهم الحظ
في التعلم.
قلت: قد قالوا من
قبل، جيش أرانب يقوده أسد واحد، خير من جيش أسود يقوده أرنب.
ضحك أستاذي، و كتم من
ضحكه ههه فقد كان ينتظر أن أسترسل و أطيل في الكلام و الشرح، و قال يكفي هذا.
لذلك إخواني، كل
واحد منا له شخصيته و براعته تقبل أينما دهب ما دام واثقا في نفسه، فليعلم أنه إن
لم يضحك الناس لن يبكيهم.
فاستغلوا قدراتك و
ثقوا بها.
و أتذكر، المخترع
المغربي عبد الله شقرون الذي عرض عليه الغرب أكثر من 400 مليار سنتيم مغربي لكي
يبيع لهم براءة اختراع محرك فريد من نوعه، فرفض، سنقول لو كنا مكانه لقمنا بالبيع،
لكن لا إنها مسألة قناعات و ما دامت قناعاته صادقة فلن يعيش في جحيم، و قد أتى
التوفيق فيما بعد.
تحياتي.
عبد الله بوزيت
إرسال تعليق